الثلاثاء، 1 سبتمبر 2009

مذكرات يومية
عندما يشعر الإنسان بأهميته في المجتمع، يبدأ بالمحافظة على هذه الأهمية بطرق عدة،
ومن هذه الطرق كتابة المذكرات اليومية، لكي يذكره تاريخه بخير عند من حوله من كُتب السيَرالتاريخية،
ولكن السؤال المهم، لماذا يهتم الأوروبيون بكتابة المذكرات ؟؟
دونما الإخوة العرب خصوصا الخليجيين منهم!.

فالمجتمعات الأوروبية تهتم بالفرد اهتمام الأم بولدها الصغير ،
وتوصية صباح كل يوم وقبل إفطاره ، أن يلتزم بالقانون قولا وفعلا ،
أن يساهم في المجتمع ولو بشق تمرة ، وأن يسير نحو هضبة الإلهام،
ليبدع شيء على أن لا يكون ضلالة ، حتى لا يكون حطب للنَار و ملعون المصير،
فهو لن يستحي من كتابة مذكراته اليومية .

وعلى هذا ، تجد من المهتمين بكتابة المذكرات اليومية تشكيلة منوعة من المجتمع الأوروبي ،
سائق التاكسي، وربة المنزل ، وعجوز عربيد سيقضى نحبه وكأسه بشماله ،
ووزير سابق ، مجموعة لا علاقة لها بما كانوا عليه من مناصب ،
فالكل وصل في نهاية مطاف حياته إلى نتيجة من خلال وجة نظره ،
يريد أن يطَلع المجتمع عليها إما للفائدة أو للاتعاظ ،
أو سرٌ عانقه طيل حياته ويريد الإفصاح عنه( والوجه من الوجه أبيض).

أما الإخوة العرب يفضلون صمت الصخور ، مثلما دخلت على هذه الدنيا بالمعروف تخرج منها بالمعروف ،
لا فائدة بيضاء تعينك على الأسود من الأيام ، ولا موعظة حسنة تنجيك من عذاب النار ،
لذلك لا تجد في ذاكراتنا إلا الشخصيات والأحداث الخرافية ، التي لا تُصدق لو غلًظت الأَيمان ،
وهي ما تروى على ألسنة الدايات(مربيات الأطفال) ، مثل ، حمارة القايلة وطنطل وغيرها ،
كل ذلك من أجل أن ننام بسرعة خمسين تشخيرة في الدقيقة ،
لدرجة أنه من المستحيل أن تنعم إلا بالأغبر والأشعث من الأحلام ،
فتبقى صور مشينة في ذاكرة أطفال الأمس رجال اليوم ، فكيف نشعر بالأهمية ؟،
ونحن نسير في طرق مرسومة بألوان قاتمة وخلفيات سوداء.

و هناك من يكتب المذكرات اليومية من أبناء جلدتنا كما ينبغي وهم قلة ،
بيد أن بعض هذه المذكرات كتبت بنهج شعراء العرب في مدح الملوكِ ،
الذين بالغوا بدفع بلدانهم في مصاف الأمم المتطورة ،
مبالغة لا تنتهي حتى لو سقطت خبزه من يد عجوز عربية عجزت عن مسكها ،
أرادت صد سياط الجوع ولم تستطع بعد أن خارت قِواها ،
فهم لا يكتبون رؤيتهم للأحداث ، بل يكتبون رؤيتهم في ذاتهم .

ليست هناك تعليقات: